الجزاء بمقدار العمل فمن يصبر يعطه الله ويُنلْهُ مراده، وله منزل رحبٌ، وعيش رغدٌ ولباس حسن وله ما تشتهي نفسه في الدنيا والآخرة.
ويقول تعالى ممتناً على رسوله (صلى الله عليه وسلم ) بما أنزل عليه من القرآن العظيم اصبر يا محمد فكما أكرمتك بما أنزلت عليك فاصبر على قضائي وقدري،
واعلم أن الله سيدبرك بأحسن تدبيره. ولا تطع الكافرين والمنافقين إذا أرادوا صدك بما أُنزل عليك، بل بلِّغ رسالته والله يعصمك من الناس.
لقد ختم الله صبر الأنبياء بصبره بإيمانه واحتسابه بالله، صبر على فراق أمه وهو صغير، ثم صبر على فراق جده, ثم صبر على اعتكافه بغار حراء ليتأمل خلق الله وإبداعه وآياته في السموات والأرض ومعجزاته, ثم صبر عند نزول الوحي عليه فأصابه الخوف والفزع لأنه لا يعلم مسبقاً أي شيء عن أمر الله و الوحي فصبر وكتم إلا عن زوجته خديجة رضي الله عنها التي كانت مثال الزوجة المؤمنة الصادقة الوفية الصابرة، فقد تمثل صبرها بزوجها المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم عندما ذهب إلى غار حراء وبقي هناك ليالي طويلة، فكانت تأخذ له الطعام كل يوم وتصعد الجبل بعد سير طويل للوصول إليه، وكلنا نعرف حق المعرفة المسافة بين الغار ومكة كم هي شاقة، فلم تتذمر بل كانت تعلم أن وراء هذا الاعتكاف أمراً عظيماً فقد أظهره الله بعد ذلك، إنها من أعظم نساء العالمين لما اتصفت به من الصبر والإيمان.
نعود إلى الصبر الذي تحلى به رسول الله وبعد تلقيه الرسالة السماوية من ربه وأمره بنشرها، وهنا بدأ الصراع والحرب بينه وبين قومه، وآيات كثيرة نزلت تحثه على الصبر والتحمل، إنه نبي الله وحبيبه ورسوله فكيف لا يصبر وهو الذي علمنا الصبر والأخلاق والأمانة والإيمان والتوبة وحب الله وعبادته والسعي لطلب رضاه ومحبته.
لقد امتحن الله قلوب أنبيائه بما أنزل عليهم من بلاء ليصبروا عليها وليكونوا قدوة لأمتهم وقومهم.
عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r:
{ أكثر بلاء هم الأنبياء } أخرجه النسائي وابن ماجه
والذين تعلموا من نبيهم ورسولهم الصبر أصحابه وأهله وقومه المؤمنون وقد ذكرهم الله في كتابه العزيز الذين هاجروا وتحملوا مشاق الهجرة وعذابها لن يضيع عملهم فلهم أجر كبير ومكانة عالية عند الله